الخلاصة:
خلاصة مذاهب الفقهاء في حكم مصافحة الأجنبية:
1. لا يجوز مصافحة الأجنبية مطلقا، وبه قالت الحنفية في قول لهم، وهو قول المالكية، وبه قال بعض الشافعية، وهو قول للحنابلة.
2. منع المصافحة للشابة، وجواز ذلك للعجوز، مع أمن الفتنة، وبه قالت الحنفية، وهو قول للحنابلة،
3. جواز مصافحة الأجنبية، بشرطين، وهما: أمن الفتنة، وأن تكون المصافحة من وراء حائل، وبه قالت الشافعية.
مناقشة أدلة الفقهاء في حكم مصافحة المرأة الأجنبية.
قد وردت أحاديث صحيحة عن النبي – صلى الله عليه وسلم- والتي مضمونها أنه لم يصافح النساء، حيث ورد التصريح بذلك في قوله: "إني لا أصافح النساء" وقد ورد في حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "والله ما مست يده يد امرأةٍ قط في المبايعة".وهذه الأحاديث دالة على منع مصافحة الأجنبية مطلقاً.
وأمَّا ما استدلت به الحنفية، من أن النبي- صلى الله عليه وسلم كان يصافح العجائز، وذِكر بعض الآثار عن الصحابة الكرام، فهذه الروايات كلها ضعيفة، كما تقدم عن الزيلعي في كتابه نصب الراية، بأن هذه الأحاديث غريبة (78)، ولا تقوى على ردّ الأحاديث المتواترة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- الدالة على أنه لم يصافح النساء في البيعة.
وكذلك على فرض صحة الآثار الواردة عن الصحابة في مصافحة الأجنبيات - مع أنه قد تقدم أنها ضعيفة- فإنها أحاديث موقوفة، والأحاديث الواردة في منع مصافحة الأجنبية أحاديث مرفوعة، والمرفوع مقدَّم على الموقوف، كما هو مقرر في مواضعه في مصطلح الحديث.
وأمَّا ما استدلت به الشافعية، من أن النبي - صلى الله عليه وسلم-: "كان يصافح النساء في بيعة الرضوان من تحت الثوب". فقد تقدم قول الطبراني، والهيثمي، بأن في هذا الحديث عتاب بن حرب، وهو ضعيف، وكذلك فقد ضعَّف هذا الحديث الألباني في السلسلة الضعيفة (79).
قال الألباني: «وجملة القول أنّه لم يصح عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه صافح امرأة قط، حتى ولو في المبايعة، فضلاً عن المصافحة عند الملاقاة» (80).
وقال محمد بن علي الصابوني:« الروايات كلها تشير إلى أنّ البيعة كانت بالكلام، ولم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه صافح النساء في بيعة أو غيرها، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- عند ما يمتنع عن مصافحة النساء مع أنه المعصوم فإنما هو تعليم للأمة، وإرشاد لها لسلوك طريق الاستقامة، وإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو الطاهر، والفاضل، والشريف الذي لا يشك إنسان في نزاهته وطهارته، وسلامة قلبه لا يصافح النساء، ويكتفي بالكلام في مبايعتهن مع أنّ أمر البيعة أمر عظيم الشأن، فكيف يباح لغيره من الرجال مصافحة النساء؟ مع أنّ الشهوة فيهم غالبة، والفتنة غير مأمونة، والشيطان يجري فيهم مجري الدم ؟!» (81).
القول الراجح في حكم مصافحة الأجنبية.
بعد ذكر الأحاديث الواردة بخصوص مصافحة المرأة الأجنبية، وبيان تفسير العلماء لها، وذكر أقوال الفقهاء وأدلتهم، أخلص إلى القول الراجح، وهو عدم جواز مصافحة المرأة الأجنبية مطلقاً، وذلك لأن الأحاديث جاءت مطلقة بالمنع، وليس فيها ما يدل على التقييد.
وبناء عليه: فلا يجوز مصافحة المرأة الأجنبية: سواء كانت شابة أو عجوزا، وسواء كان المصافح شابا أو شيخا كبيراً، وسواء كانت المصافحة بحائل أو بدون حائل، وذلك لعموم الأدلة، ولسد الذرائع المفضية إلى الفتنة.
وقد قال بهذا القول، وهو عدم جواز مصافحة المرأة الأجنبية مطلقا، الشنقيطي في أضواء البيان، حيث قال: «لا يجوز للرجل الأجنبي أن يصافح امرأة أجنبية منه، ولا يجوز له أن يمس شيءٌ من بدنه شيئاً من بدنها » (82).
وبه أفتت اللجنة الدائمة، حتى لو كان مع حائل، فقد جاء في الفتوى: «لا يجوز أن يضع رجل يده في السلام في يد امرأة ليس لها بمحرم ولو توّقت بثوبها» (83).
حكم مصافحة الرجل المرأة الأجنبية
(1)- انظر: القاموس المحيط 1/292، مختار الصحاح 1/375، المصباح المنير ص: 130.
(2)- لسان العرب 2/512.
(3)- المصباح المنير ص: 130.
(4)- القاموس المحيط 1/292.
(5)- مختار الصحاح 1/375.
(6)- النهاية في غريب الأثر 3/67.
(7) -تاج العروس 1/1666.
(8) - معجم مقاييسُ اللّغة 2/293.
(9) -صحيح البخاري 5/2311، برقم: 5909.
(10)- الفتاوى الهندية 5/369، وانظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر 4/204.
(11)- الفتاوى الفقهية الكبرى 4/247.
(12)- الفواكه الدواني 2/325.
(13)- فتح الباري 11/54.
(14)- عمدة القاري 22/252، وانظر: فيض القدير 2/393.
(15)- صحيح البخاري 4/1856, برقم: 4609.
(16)- سنن النسائي 7/149، برقم: 4181. قال الشيخ الألباني: صحيح، انظر: السلسلة الصحيحة 2/63، برقم: 529.
(17)- مسند أحمد بن حنبل 2/213، يرقم: 6998. قال الشيخ الألباني: حسن، انظر: السلسلة الصحيحة 2/67، برقم: 530.
(18)- المعجم الكبير 20/211، برقم: 486، قال الشيخ الألباني: صحيح، الجامع الصغير وزيادته 1/918، برقم: 9176.
(19)- مسند أحمد بن حنبل 2/343، برقم: 8507. قال الشيخ الألباني: صحيح، انظر: الجامع الصغير وزيادته 1/760، برقم: 7599.
(20)- عارضة الأحوذي 7/ 95.
(21)- فتح الباري 8/636.
(22)- تحفة الأحوذي 7/426.
(23)- عمدة القاري 24/277.
(24)- طرح التثريب 6/1751.
(25)- أضواء البيان 6/396.
(26)- التمهيد 12/243.
(27)- شرح النووي على مسلم 16/206.
(28)- انظر: المبسوط 10/145، وانظر: بدائع الصنائع 5/123، وانظر: الهداية 8/98.
(29) -بدائع الصنائع 4/293.
(30)- المصدر السابق 5/123.
(31)- البحر الرائق 8/218.
(32)- المصدر السابق.
(33) -المصدر السابق 8/221.
(34)- تحفة الملوك 1/230-231.
(35)- تحفة الفقهاء 3/333- 334.
(36)- البحر الرائق 8/219.
(37)- بدائع الصنائع 4/295.
(38)- البحر الرائق 8/219
(39)- المصدر السابق.
(40)- تحفة الملوك 1/230-231.
(41)- تحفة الفقهاء 3/333- 334.
(42)-بدائع الصنائع 5/123.
(43)- البحر الرائق 8/219.
(44) نصب الراية 4/309، برقم: 15.
(45) -نصب الراية 4/309، برقم: 15.
(46)- نصب الراية 4/309، برقم: 15.
(47)- الفواكه الدواني 2/325.
(48)- بلغة السالك 4/431.
(49)- حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/299.
(50)- المصدر السابق 1/485.
(51)- المجموع 4/635.
(52)- حواشي الشرواني 3/56.
(53)- حاشية البجيرمي على الخطيب 10/102.
(54)- حاشية الجمل 16/276.
(55)- نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 20/198.
(56)- المصدر السابق 29/239.
(57)- حاشية البجيرمي على الخطيب 10/102.
(58)- المصدر السابق 10/69.
(59)- الموطأ- رواية محمد بن الحسن 3/439، برقم: 941. قال الشيخ الألباني: ضعيف، انظر: السلسلة الضعيفة 4/357، برقم: 1858.
(60)- المعجم الأوسط للطبراني 6/421. قال الشيخ الألباني: ضعيف، انظر: السلسلة الضعيفة 4/357، برقم: 1858.
(61)- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 2/464.
(62)- الموطأ- رواية محمد بن الحسن 3/439، برقم: 941. قال الشيخ الألباني: ضعيف، انظر: السلسلة الضعيفة 4/357، برقم: 1858.
(63)- حاشية البجيرمي على الخطيب 10/69.
(64)- شرح منتهى الإرادات 8/322.
(65)- كشاف القناع عن متن الإقناع 4/467، وانظر: شرح منتهى الإرادات 8/323.
(66)-كشاف القناع عن متن الإقناع 4/467.
(67)- الإقناع 3/156.
(68)- الفروع لابن مفلح 9/93.
(69)- الإنصاف 8/32.
(70)- شرح منتهى الإرادات 2/624.
(71)- الإقناع 3/156.
(72)- مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 5/19.
(73)- كشاف القناع عن متن الإقناع 4/467
(74)- الإقناع 3/156.
(75)- الإقناع 1/237، وانظر: كشاف القناع عن متن الإقناع 4/467.
(78)- نصب الراية 4/309، برقم: 15.
(79)- انظر: السلسلة الضعيفة 4/357، برقم: 1858.
(80)- السلسلة الصحيحة 2/55.
(81)- روائع البيان 2/264
(82)- أضواء البيان 6/602 .
(83)- فتاوى اللجنة الدائمة، رقم الفتوى : 1742.